حكاية قتيلة الدور الرابع
ملحوظة : ليس لصاحبة الصورة علاقة بالموضوع
قد تكون ماتت كافرة!
قد يكون عقلها صغيرا.. و قلبها أصغر.. لأنها فكرت في نفسها ولم تفكر في ابنها الوحيد!
قد لا تكون الأولي.. ولا الأخيرة!
لكن من المؤكد أنها كانت انسانة.. لها أحاسيس ومشاعر.. زوجة وأم وربة بيت.. راحت ضحية مأساة اسمها الزواج الثاني!
لم يكن هناك شيء في البيت الصغير الهاديء يوحي بأن ثمة بركانا يغلي تحت السطح.. في شقة بالدور الرابع بإحدي العمارات بالعجوزة.. كانت الأم الشابة ذات الثلاثة وثلاثين عاما منهمكة في كي الملابس.. والي جوارها طفلها الوحيد التلميذ بالابتدائي الذي لا يزيد عمره علي 11 سنة يستذكر دروسه.
فجأة توقفت عندما سمعت المفتاح يدور في الباب.. أخيرا عاد زوجها وكان قد قضي الليلة السابقة خارج البيت.. وزفرت الزوجة الشابة في أسي وهي تستعد للقاء زوجها الذي كانت طوال الشهور الماضية قد توترت علاقتها به بسبب غيابه وتأخره المستمر عن البيت وها هو قد بدأ في الفترة الأخيرة يبيت الليالي بعيدا عنها وعن طفلها.
دخل الزوج بهدوء وثقة.. ألقي التحية عليها فلم ترد..
لكنها بعد برهة قالت له بسخرية حمدا لله علي السلامة يا بيه
حاول أن يتجاهل رنة السخرية وأن يتهرب من مشادة أكيدة.
­ قال لها: ممكن تجهزي لي أي أكل لأني تعبان؟
قالت له في حدة: ما فيش عندي أكل.. روح كل عند الهانم اللي كنت عندها.
­ صرخ فيها: بلاش قلة أدب.
جن جنونها من رده الهاديء وبحركة عصبية ألقت بالمكواة التي كانت تحملها فاندفع نحوها وهوي علي وجهها بصفعة.
قالت له بهستريا: خلاص أنا موش عايزاك: اتفضل امشي من هنا.. وخد معاك هدومك.
نظر الي حيث أشارت وهي تتكلم فوجدها بالفعل قد ملأت احدي الحقائب بملابسه.
تطاير شرر جنون في البيت الصغير..
­ وارتفع صوته يهددها: أنا راجل ومن حقي أتجوز واحدة واثنين.
وتسمرت في مكانها وكأنها تستعد لسماع الخبر الذي كان في أعماقها تخشاه وتتوقعه.
­ قال لها: ولعلمك أنا فعلا تزوجت واحدة تانية من 7 شهور.
ما حدث بعد ذلك كان الجنون بعينه:
جعله اعترافه بالسر الذي كان يخفيه عنها يشعر بالقوة. واستمر قائلا: ألبسي هدومك وتعالي نروح للمأذون أطلقك إذا كنت عايزه.
رددت الكلمة غير مصدقه: تطلقني.. تطلقني.
ولمعت عيناها بنظرة غريبة.. نظرة حيوان جريح تلقي طعنة في مقتل.
وقالت له: اسمع قبل ما تطلقني.. تأكد اني حاجيب لك مصيبة وحا احبسك.
وكأنه زهق من الحوار الذي كان مثل تبادل اطلاق الرصاص.. لم يرد عليها واستدار خارجا من الغرفة بل ومن الشقة كلها.. لكنه ما أن كاد يخطو أولي درجات السلم حتي استدار عائدا في فزع.
كان طفله الوحيد يصرخ ماما.. ماما!
المشهد الأخير الفظيع رواه الطفل البريء المسكين لوكيل أول نيابة العجوزة.
­ قال الطفل: أول ما بابا خرج من الشقة.. لقيت ماما جريت علي البلكونة وحاولت ترمي نفسها.
سأله وكيل أول النيابة: عملت ايه ساعتها.
­ الطفل: جريت وراها.. كانت فعلا رمت نفسها.. مسكت طرف الفستان اللي كانت لابساه.. لكن جسمها كان تقيل.. ما قدرتش أحوشها.. ووقعت من رابع دور.
قد تكون كافرة!
قد يكون عقلها صغيرا وقلبها أصغر.. لأنها فكرت في نفسها ولم تفكر في ابنها الوحيد!
قد لا تكون الأولي.. ولا الأخيرة!
لكن مؤكد أنها كانت انسانة.. لها أحاسيس