إضراب يغيب الصحيفة الأعرق عن الأكشاك:
اللوموند المثقلة بالديون تتهاوى... ومصيرها رهن بإجتماع الغد
باريس : دخل موظفو صحيفة "لوموند" الفرنسية أمس في إضراب تاريخي للإحتجاج على مخطط إعادة هيكلة يشمل إلغاء 130 وظيفة في الصحيفة والتخلي عن مجلات، ما أدى إلى عدم صدور الصحيفة اليوم الثلاثاء. وطالب موظفو الصحيفة العريقة الغارقة في الديون بأن يجري إلغاء الوظائف التي قررتها الادارة على أساس التطوع، كما طالبوا بالعدول عن مشروع للتخلي عن المجلات التابعة للصحيفة. ونبهت الصحيفة المسائية قراءها بعنوان في الصفحة الأولى من عددها للأحد والإثنين، يقول "لوموند ستغيب عن الاكشاك". وهي المرة الاولى التي يضرب فيها صحافيو الجريدة لأسباب داخلية. ومنذ 1944 لم تتوقف هيئة تحرير الصحيفة إلا مرة واحدة عن العمل في 1976 في سياق عملية احتجاج على هيمنة مجموعة "هيرسانت" على "فرانس سوار".ومن جانبهم، قال محررو الموقع الإلكتروني للصحيفة الذين ينتمون الى فرع آخر للصحيفة انهم "عارضوا نشر مقالات الصحيفة" الاثنين على الموقع الالكتروني.
وكان اعلان الهيئة المديرة للصحيفة قبل اسبوع عن خطة صارمة لتصحيح اوضاعها المالية، قد أثار ازمة في الصحيفة المسائية التي توزع 320 الف نسخة ومجموعة لوموند بصورة عامة التي تعد 1600 موظف. وسجلت المجموعة في 2007 خسائر بقيمة 20 مليون يورو فيما تبلغ ديونها 150 مليون يورو.
وتنص الخطة على إلغاء 130 وظيفة من أصل 600 في شركة نشر لوموند من بينها 85 إلى 90 صحافيًا، أي ربع هيئة التحرير. وأعلنت الإدارة أن إلغاء الوظائف لن يتم عبر استقالات طوعية فحسب انما كذلك اقالات إلزامية.وهي المرة الاولى في تاريخ الصحيفة يضرب فيها محرروها لأسباب محض داخلية، وقد تجمعوا أمس في حركة احتجاجية ورفعوا لافتة واحدة "لا لخطة إريك فوتورينو"، وهو رئيس مجلس الإدارة الذي قدح شرارة الاحتجاج، عندما عرض حلاً لأزمات لوموند، غير قابل للتفاوض: فصل تسعين صحافيًا، وأربعين تقنيًا، وبيع بعض امتيازات مجموعة لوموند من صحف وأسبوعيات خاسرة، ومفلسة، كي تعتدل مسيرتها، وتتوازن ماليتها في غضون عامين.
واعتبر ميشال ديلبيرغ المندوب النقابي عن الجمعية النقابية "سي اف دي تي" متحدثًا خلال جمعية عامة ان "هذه الخطة اسوأ مما كان يمكن ان نتخيل". وقالت المديرة العامة للنقابة الوطنية للصحافيين (سي جي تي) دومينيك كانديي "لا شك ان لوموند تواجه مصاعب لكننا لا نعتقد ان الوضع سيتحسن بحذف الادمغة". وستعقد جمعية عامة جديدة الاربعاء لتحديد الخطوات اللاحقة للحركة الاحتجاجية. ويعود العاملون غدًا إلى اجتماع عام في «أوغست بلانكي»، لتقرير مستقبل الصحيفة.
وتأتي خسارات اللوموند المتتالية بعد محاولات فاشلة تمت على يد رئيس تحريرها السابق جان ماري كولومباتي الذي اثقلها بديون اضافية نتيجة لسياسته التوسعية لتحويلها الى مجموعة رأسمالية وتجارية، وبالتالي حمايتها من غزو الرساميل الصناعية والتحول الى منافس .
كما شهدت الصحيفة استقالة رئيس مجلس الإدارة بيير جانتيه ونائبه برونو باتينو ومدير الصحيفة ايريك فورتورينو في الثامن عشر من ديسمبر الماضي، إثر خلاف مع شركة المحررين التي رفضت مصادقة حاسابات العام الفائت واقرار موازنة للعالم الحالي... المستقيلون تحدثوا عن "تحد" من المحررين يجعل مهمة المدراء مستحيلة. يشار إلى أن الفرع الإلكتروني أو التفاعلي للصحيفة يتمتع بفريق تحرير خاص به، وإن حصة المحررين فيه لا تتجاوز 22% بينما مجموعة "لاجاردير" الفرنسية تمتلك نسبة 34% من هذا الفرع، فيما تبلغ حصتها في رأسمال مجموعة "لوموند" 17%.
وتعود جذور الازمة الى نهاية أيار (مايو) الماضي عندما رفضت شركة المحررين التصويت لصالح التمديد لبقاء كولومباني في رئاسة مجلس الإدارة وحصل على تعويض بلغ مليون يورو، بعدها تم اختيار فوتورينو ليحل بديلاً عنه. وفي الوقت نفسه بقي رئيس مجلس الرقابة آلان مانك في منصبه إلا أن شركة المحررين لم تقبل باستمراره نظرًا لاعتراض العاملين على صحة التصويت واضطر مانك تحت الضغط إلى إبرام اتفاق يلتزم عبره بالتخلي عن منصبه في نهاية مارس المقبل.
والمآخذ على مانك تتعلق بكونه يعمل في الوقت نفسه مستشارًا لعدد من كبار رجال الأعمال ويرى المحررون بأنه وراء حالة الفوضى الحالية وأنه يسعى إلى تقليص نفوذهم بهدف نقل لوموند إلى أحضان مجموعة لاجاردير التي يملكها صديق رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي، وبالتالي فإن إبعاده يضمن استقلال الصحيفة إزاء المساهمين الخارجيين والبقاء على مسافة نقدية من قصر الإيليزيه.
لكن فوتورينو تراجع عن استقالته ورشح نفسه كرئيس لمجلس الإدارة في ما يشبه انشقاقًا داخل الإدارة المستقيلة أو انقلابًا على ألان مانك الذي يقال إنه يدير الخيوط من خلف الكواليس، وذلك كي تبقى لوموند "صحيفة الصحافيين" وكي لا يحدث فراغ إداري يستطيع مانك اغتنامه للتوجه إلى القضاء وتعيين مشرف قضائي على المجموعة. والمشرف القضائي هو الخوف الأكبر للمحررين لأنه قد يعمل على حل أزمات المجموعة عبر خطة تسريح العاملين أو فتح الرأسمال الذي يؤول في النهاية إلى تقليص حصة شركة المحررين وبالتالي زيادة نفوذ المساهمين الخارجيين، بما ينطوي على ذلك من مساس بحيادية التوجه التحريري.
عودة فوتورينو عن استقالته قد تنقذ المجموعة من وصاية قضائية تكون الأرباح والخسائر معيارها الأول، لكن مانك قد ينجح في التأثير على المجلس وعرقلة هذه العودة لتتراجع سلطة شركة المحررين وتتوقف لوموند عن كونها الاستثناء الأخير في الصحافة الفرنسية، أي عن كونها صحيفة قرارها بيد العاملين فيها. لوموند تعاني صعوبات مالية ولكنها ليست في حالة إفلاس كما يؤكد المحررون لكن القضية قضية صراع نفوذ ومال في المقام الأول.
اللوموند المثقلة بالديون تتهاوى... ومصيرها رهن بإجتماع الغد
باريس : دخل موظفو صحيفة "لوموند" الفرنسية أمس في إضراب تاريخي للإحتجاج على مخطط إعادة هيكلة يشمل إلغاء 130 وظيفة في الصحيفة والتخلي عن مجلات، ما أدى إلى عدم صدور الصحيفة اليوم الثلاثاء. وطالب موظفو الصحيفة العريقة الغارقة في الديون بأن يجري إلغاء الوظائف التي قررتها الادارة على أساس التطوع، كما طالبوا بالعدول عن مشروع للتخلي عن المجلات التابعة للصحيفة. ونبهت الصحيفة المسائية قراءها بعنوان في الصفحة الأولى من عددها للأحد والإثنين، يقول "لوموند ستغيب عن الاكشاك". وهي المرة الاولى التي يضرب فيها صحافيو الجريدة لأسباب داخلية. ومنذ 1944 لم تتوقف هيئة تحرير الصحيفة إلا مرة واحدة عن العمل في 1976 في سياق عملية احتجاج على هيمنة مجموعة "هيرسانت" على "فرانس سوار".ومن جانبهم، قال محررو الموقع الإلكتروني للصحيفة الذين ينتمون الى فرع آخر للصحيفة انهم "عارضوا نشر مقالات الصحيفة" الاثنين على الموقع الالكتروني.
وكان اعلان الهيئة المديرة للصحيفة قبل اسبوع عن خطة صارمة لتصحيح اوضاعها المالية، قد أثار ازمة في الصحيفة المسائية التي توزع 320 الف نسخة ومجموعة لوموند بصورة عامة التي تعد 1600 موظف. وسجلت المجموعة في 2007 خسائر بقيمة 20 مليون يورو فيما تبلغ ديونها 150 مليون يورو.
وتنص الخطة على إلغاء 130 وظيفة من أصل 600 في شركة نشر لوموند من بينها 85 إلى 90 صحافيًا، أي ربع هيئة التحرير. وأعلنت الإدارة أن إلغاء الوظائف لن يتم عبر استقالات طوعية فحسب انما كذلك اقالات إلزامية.وهي المرة الاولى في تاريخ الصحيفة يضرب فيها محرروها لأسباب محض داخلية، وقد تجمعوا أمس في حركة احتجاجية ورفعوا لافتة واحدة "لا لخطة إريك فوتورينو"، وهو رئيس مجلس الإدارة الذي قدح شرارة الاحتجاج، عندما عرض حلاً لأزمات لوموند، غير قابل للتفاوض: فصل تسعين صحافيًا، وأربعين تقنيًا، وبيع بعض امتيازات مجموعة لوموند من صحف وأسبوعيات خاسرة، ومفلسة، كي تعتدل مسيرتها، وتتوازن ماليتها في غضون عامين.
واعتبر ميشال ديلبيرغ المندوب النقابي عن الجمعية النقابية "سي اف دي تي" متحدثًا خلال جمعية عامة ان "هذه الخطة اسوأ مما كان يمكن ان نتخيل". وقالت المديرة العامة للنقابة الوطنية للصحافيين (سي جي تي) دومينيك كانديي "لا شك ان لوموند تواجه مصاعب لكننا لا نعتقد ان الوضع سيتحسن بحذف الادمغة". وستعقد جمعية عامة جديدة الاربعاء لتحديد الخطوات اللاحقة للحركة الاحتجاجية. ويعود العاملون غدًا إلى اجتماع عام في «أوغست بلانكي»، لتقرير مستقبل الصحيفة.
وتأتي خسارات اللوموند المتتالية بعد محاولات فاشلة تمت على يد رئيس تحريرها السابق جان ماري كولومباتي الذي اثقلها بديون اضافية نتيجة لسياسته التوسعية لتحويلها الى مجموعة رأسمالية وتجارية، وبالتالي حمايتها من غزو الرساميل الصناعية والتحول الى منافس .
كما شهدت الصحيفة استقالة رئيس مجلس الإدارة بيير جانتيه ونائبه برونو باتينو ومدير الصحيفة ايريك فورتورينو في الثامن عشر من ديسمبر الماضي، إثر خلاف مع شركة المحررين التي رفضت مصادقة حاسابات العام الفائت واقرار موازنة للعالم الحالي... المستقيلون تحدثوا عن "تحد" من المحررين يجعل مهمة المدراء مستحيلة. يشار إلى أن الفرع الإلكتروني أو التفاعلي للصحيفة يتمتع بفريق تحرير خاص به، وإن حصة المحررين فيه لا تتجاوز 22% بينما مجموعة "لاجاردير" الفرنسية تمتلك نسبة 34% من هذا الفرع، فيما تبلغ حصتها في رأسمال مجموعة "لوموند" 17%.
وتعود جذور الازمة الى نهاية أيار (مايو) الماضي عندما رفضت شركة المحررين التصويت لصالح التمديد لبقاء كولومباني في رئاسة مجلس الإدارة وحصل على تعويض بلغ مليون يورو، بعدها تم اختيار فوتورينو ليحل بديلاً عنه. وفي الوقت نفسه بقي رئيس مجلس الرقابة آلان مانك في منصبه إلا أن شركة المحررين لم تقبل باستمراره نظرًا لاعتراض العاملين على صحة التصويت واضطر مانك تحت الضغط إلى إبرام اتفاق يلتزم عبره بالتخلي عن منصبه في نهاية مارس المقبل.
والمآخذ على مانك تتعلق بكونه يعمل في الوقت نفسه مستشارًا لعدد من كبار رجال الأعمال ويرى المحررون بأنه وراء حالة الفوضى الحالية وأنه يسعى إلى تقليص نفوذهم بهدف نقل لوموند إلى أحضان مجموعة لاجاردير التي يملكها صديق رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي، وبالتالي فإن إبعاده يضمن استقلال الصحيفة إزاء المساهمين الخارجيين والبقاء على مسافة نقدية من قصر الإيليزيه.
لكن فوتورينو تراجع عن استقالته ورشح نفسه كرئيس لمجلس الإدارة في ما يشبه انشقاقًا داخل الإدارة المستقيلة أو انقلابًا على ألان مانك الذي يقال إنه يدير الخيوط من خلف الكواليس، وذلك كي تبقى لوموند "صحيفة الصحافيين" وكي لا يحدث فراغ إداري يستطيع مانك اغتنامه للتوجه إلى القضاء وتعيين مشرف قضائي على المجموعة. والمشرف القضائي هو الخوف الأكبر للمحررين لأنه قد يعمل على حل أزمات المجموعة عبر خطة تسريح العاملين أو فتح الرأسمال الذي يؤول في النهاية إلى تقليص حصة شركة المحررين وبالتالي زيادة نفوذ المساهمين الخارجيين، بما ينطوي على ذلك من مساس بحيادية التوجه التحريري.
عودة فوتورينو عن استقالته قد تنقذ المجموعة من وصاية قضائية تكون الأرباح والخسائر معيارها الأول، لكن مانك قد ينجح في التأثير على المجلس وعرقلة هذه العودة لتتراجع سلطة شركة المحررين وتتوقف لوموند عن كونها الاستثناء الأخير في الصحافة الفرنسية، أي عن كونها صحيفة قرارها بيد العاملين فيها. لوموند تعاني صعوبات مالية ولكنها ليست في حالة إفلاس كما يؤكد المحررون لكن القضية قضية صراع نفوذ ومال في المقام الأول.